موضوع: وصل بين الرّحم والقلب الإثنين نوفمبر 12, 2007 7:34 am
كم هو جميل أن تزرع الورد في مساكب الآخرين، وأن تقرع أبوابهم في الأعياد والمناسبات حاملاً إليهم ياسمين حبّك ورياحين قلبك. وأن تقصدهم في اللّيالي الحالكات بشموع مواساتك ومشاعل عواطفك. وأنّ تؤازرهم تحت نور الشّمس أو شعاع القمر فتكون لهم ساعد قوّة أو يداً بيضاء. وأن تؤمّهم في الأصيل أو مع المساء لتقاسمهم حنين الشّفق أو أنس السّهر. لكن ألا ترى أنّ وردك يكون أكثر جمالاً عندما تزرعه في مساكب ذوي رحمك؟! وألا تدري أنّ قرعك على أبوابهم في الأعياد والمناسبات، ما هو إلا قرع على جنبات قلبك ليزداد خفقانا، وإلا ملامسة لأطراف شرايينك لتشتدّ دفقاً وعطاءا؟! وألا تقرّ معي أنّ شموع مواساتك لهم ومشاعل عواطفك في اللّيالي الحالكات هي أكثر إشعاعاً وأشدّ إضاءة؟! وألا تشعر أنّ مؤازرتك لهم في العسرة، وتأييدك لهم في الشّدة لا يمحوهما ليل أو نهار من سجلّ الذّكريات وكتاب الحياة؟! وألا تحسّ أنّ الحنين إليهم في الأصائل والسّهر معهم في المساءات يمنحك أنساً لا يعادله أنس ويعطيك فرحاً لا يوازيه فرح؟! ما ذلك إلاّ لأنّك عندما تجري ينابيع حبّك وجداول شوقك في قفار ذوي أرحامك. تشعر كأنّك تجريها بين يدي أبويك أو في رحاب جدّيك، فتقرّ عيناً وتشرُق وجها. أو عندما تعزف لهم على قيثارة وجدانك ألحان مشاعرك الطّيبة وعواطفك الجميلة، تحسّ أنّك تعزف لأعماقك. وتغنّي لجذورك فتتمايل طرباً وتنتشي فرحاً. أو عندما تطلق في أجواء أحدهم طيور محبّتك وفراشات جودك، فكأنّك تحملّ تباشير الربيع إلى حقول أجدادك، وتكشف عن أطياف الصّحو في سماء تاريخك القريب. فتطيّر إشراقاً وترقّ صفاءا. فأحمل وردك للآخرين واجعل أجملها لذوي قربك واعزف ألحان محبّتك لغيرك واجعل أعذبها لذوي رحمك. وانثرّ العطر على أعتاب كلّ أحد وانثر أشدّه عبقاً وأزكاه رائحة على أعتاب أقربائك، وأنر دروب النّاس وأضئ طرقهم ولا تنس دروب أهلك ومن يتصلّ بك. وما ذلك إلاّ لأنّ صلة الرّحم مدخلٌ للإنسانيّة، وتواصلٌ مع الأعماق، وارتباط بالجذور، ووصلٌ بين القلب والرّحم